العطور أصالة الماصي وسحر الحاضر

0

سكر هانم – عادةً ما نتواصل مع الماضي والتاريخ من خلال رموز بصرية مثل مخطوطات الرسائل أو القطع الأثرية المعروضة في المتاحف أو الصور المعلّقة على الجدران في قلعةٍ قديمة، فجميعها تساعدنا على تصوّر أوقاتٍ وعصورٍ سبقتنا.

وكثيراً ما ترتبط أجمل الذكريات وأقواها تأثيراً برائحةٍ ما، مثل الرائحة التي تعبق بالأجواء بعد مطرٍ صيفي أو رائحة القهوة المطحونة الطازجة أو الرائحة القوية للعشب بعد جزه. وتختلف حاسّة الشم عن غيرها من الحواس من حيث معالجة الدماغ لها، فعند الشم تتجه مستقبلات الروائح مباشرةً إلى جزء الدماغ المرتبط بالمشاعر والذكريات. وهذا ما دفع العلماء للاعتقاد أنّ الذكريات المرتبطة بالروائح أقوى من غيرها وتدوم فترة أطول. ومع أنّ الروائح تلعب دوراً أساسياً في حياتنا اليومية وترتبط بشكلٍ وثيق مع ذكرياتنا، إلاّ أنها لا تحظى بالقدر الكافي من الاهتمام عند تسجيل الأحداث التاريخية. ويعود ذلك غالباً لكون معرفتنا بالماضي عديمة الرائحة بسبب سرعة زوال الروائح.

وخلال السنوات الماضية، عمل صنّاع العطور والمؤرخون والعلماء، بمساعدة التقنيات الحديثة، على إيجاد طرقٍ لحفظ الروائح كآثارٍ تاريخية. فهنالك حاجةٌ متزايدة لفهم كيفية اختبار العالم من خلال الرائحة في الماضي، والروائح التي أحبوها والروائح التي لم تلقى إقبالاً، بالإضافة إلى إمكانية إعادة ابتكار عطورٍ توقفت منذ زمن. ومع توفر القدرة على استخدام الروائح في سياقٍ تاريخيّ، ستتغير نظرتنا إلى العالم وطريقة فهمنا له.

وعلى سبيل المثال، تساعد علامة Parfums de Marly، التي تجمع بين الروح الكلاسيكية والمعاصرة، على فهم الحياة في القرن الثامن عشر في قصر شاتو دو مارلي حيث سادت أجواء المرح والاسترخاء بدلاً من التقيد بآداب السلوك الملكية. وتميّز البلاط في عهد الملك لويس الخامس عشر بالشغف بالعطور وانتشارها، حيث أُطلق عليه اسم البلاط المعطّر، فكلّ شيء كان يعبق برائحة العطر مثل المراوح اليدوية والقفازات وحتى نوافير القصر. وتبتكر دار Parfums de Marly كلّ عطر بجماليته ولمساته انطلاقاً من شغفها بحفظ تاريخ قصر شاتو دو مارلي وفرنسا. وتعليقاً على هذا الموضوع، قال جوليان سبريشر، المدير الإبداعي للعلامة: “نحرص على رسم بصمة خاصة بالعلامة ضمن عالمنا المعاصر الذي يتميّز بالسرعة والبساطة، من خلال اعتماد معايير الجمال والمخيلة الواسعة، وبإعادة إحياء ثقافة القرن الثامن عشر، العصر الذهبي لصناعة العطور”.

ولذلك، عند التفكير في الماضي والتاريخ يجب الانتباه إلى أنّ الروائح ليست أقل أهمية مما نراه ونسمعه ونتذوقه. بعض العطور والروائح لم تعد موجودة، وظهرت عطورٌ جديدة بدلاً منها، وقد تتغير بعض العطور الحالية، إلاّ أنها جميعاً تحمل قصّةً جديرةً بالاهتمام.

واقرأ أيضاً :
ميس حمدان تطرح أول مجموعة تيشيرتات باسمها

سعد المجرد .. تطورات جديدة في قضية الاغتصاب

نصائح نانسي زبانه للتغلب على الضغوط النفسية ومقاومة الشعور بالوحدة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.