“المصرى للدراسات ” يصدر “المرأة كمحرك للتعافى الاقتصادى”

0

سكر هانم – أصدر المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، تقريرا تحليليا بعنوان: “المرأة كمحرك أساسى للتعافى الاقتصادى”، وهو العدد الثانى ضمن سلسلة جديدة من تقارير “رأى في أزمة”، والمعنية بالأساس بطرح محاور العمل الاستراتيجية لمرحلة ما بعد الكورونا على صعيد الاقتصاد المصرى، أخذا في الحسبان الوضع الاقتصادى العالمى الجديد الذي فرضته الأزمة.

وتركز السلسلة الجديدة من التقارير على تناول تفصيلى لمجموعة من محركات التغيير، أو القضايا التي يتوقع إذا تم تداولها بالشكل السليم أن تحدث طفرات تنموية كبيرة للاقتصاد المصرى، وقد تكون هذه القضايا تم تناولها مسبقا إلا أنه لم يتم تبنيها بالشكل المطلوب، وبالتالي تحتاج إلى مراجعة، أو قضايا لم يتم التطرق إليها بالأساس رغم أهميتها.

وينظر التقرير إلى المرأة كأحد المحركات الهامة لإعادة الانتعاش للاقتصاد المصرى، خاصة وأنه من الممكن ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى في مصر بنسبة 34% خلال العقد المقبل، حال تساوت أعداد الرجال مع أعداد النساء في سوق العمل- وفقا لتقرير صادر عن معهد ماكنزى- كما يعتبر التمكين الاقتصادى للمرأة وسيلة لمكافحة الفقر ودعم العدالة الاجتماعية وإعطاء فرصة لمسار أفضل للأجيال القادمة، مما يجعل المرأة فاعلا رئيسيا في تحقيق التعافى الاقتصادى.

وأشار التقرير إلى أنه مع تزايد الضغط الاقتصادى والاجتماعى الناتج عن تطبيق الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا، أصبح من الضرورى التركيز على إتاحة كافة الآليات من سياسات وإجراءات لتمكين المرأة من القيام بدورها كأحد محركات التغيير الأساسية للتعافى الاقتصادى عامة، وللخروج من الأزمة الحالية بشكل خاص.

وجدد التقرير سمات سوق العمل للإناث في مصر بعدة سمات، من أهمها ضعف مشاركة الإناث في سوق العمل مقارنة بالذكور بنحو 4 أضعاف حيث يستحوذ الإناث على 18% فقط من سوق العمل مقابل 82% للذكور عام 2019، كما تفضل الإناث العمل الحكومى عن القطاع الخاص، وتجتذب قطاعات محددة وظائف الإناث مثل التعليم والملابس الجاهزة والصحة والاتصالات والزراعة وتجارة التجزئة وخدمات الغذاء والإقامة، كما يتسم السوق بتفاوت الأجور بين الجنسين لصالح الذكور في عدد من الأنشطة رغم تساوى عدد ساعات العمل، وتعمل أكثر من نصف المشتغلات في القطاع غير الرسمي، وهناك محدودية لدور المرأة في عملية صنع القرار.

وحدّد التقرير ثلاث سيناريوهات محتملة لمستقبل عمل الإناث في مصر، وفقا لمحددات رئيسية تتمثل في مدى تطور فيروس كوفيد 19 وتداعيات ذلك على مدى عودة المدارس والحضانات لاستئناف أنشطتها كعنصر محدد لعودة الإناث لسوق العمل، بجانب طبيعة مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادى.

وتتمثل هذه السيناريوهات في الآتى: السيناريو الأول يتوقع العودة إلى المستويات السابقة لعمل الإناث قبل الأزمة حال اتخاذ التدخلات العاجلة المقترحة، والسيناريو الثانى يتوقع تدهور أوضاع الإناث لتصبح مشاركتهن بمعدلات أقل في سوق العمل مع المحققة قبل حدوث الأزمة بسبب ما طرأ من تغييرات سلبية على سوق العمل منها تسريح العمالة وعودة عدد من العاملين بالخليج بعد تسريحهم، أما السيناريو الثالث فيتوقع حدوث طفرة إيجابية في أوضاع المرأة الاقتصادية والاجتماعية في الأجلين المتوسط والطويل نتيجة دخولها بقوة في سوق العمل، وذلك حال إجراء التطوير الهيكلى اللازم الذي شرعت الدولة في بعض عناصره بالفعل، وإن كان في حاجة إلى مزيد من الجهود ذات الأثر الأكبر والأسرع على مكانة المرأة في سوق العمل.

وشدّد التقرير على أن استهداف تحقيق السيناريو الثالث يتطلب تدخلات جذرية وعاجلة بالاستعانة بالحزم المناسبة من السياسات والإجراءات لتمكين المرأة على مختلف الأصعدة، وترتكز على مجموعة من المبادئ الأساسية التي تتمثل في ضرورة تعامل السياسات والإجراءات مباشرة مع “الأسباب” لما تواجهه المرأة من مشكلات عبر عقود وليس فقد أعراض المشكلات، وإتاحة الدولة للسياسات والآليات التي تكفل النظر إلى المرأة من قبل أصحاب الأعمال باعتبارها “موردا”حقيقا ورئيسيا لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، وليس كونه عبئا عليهم، بالإضافة إلى أن معظم الصعوبات التي تواجه الإناث هي في جوهرها غير منحازة للنوع أي مرتبطة بضعف البيئة المؤسسية ومناخ الأعمال بوجه عام، وأخيرا فإن قدر كبير من المعوقات التي تواجه الإناث ترتبط بالعادات والموروثات الثقافية مما يتطلب تبنى سياسات تتعامل بشكل سليم مع تلك المعوقات.

وقدم التقرير توصيات بأهم الإجراءات المقترحة لمساعدة الحكومة في إحداث تطورا إيجابيا في دور المرأة في الأنشطة الاقتصادية بشكل عام، وعلاج الآثار السلبية للأزمة الحالية بشكل خاص، وتنقسم هذه المقترحات إلى مجموعتين: الأولى أفقية أي تعود آثارها الإيجابية على الإناث والذكور، والثانية رأسية ترتبط مباشرة بمشكلات المرأة وفق خمسة محركات أساسية للتغيير تؤثر بشكل مباشر على رغبة وقدرة المرأة على العمل خاصة في القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، كما تم تصنيف هذه المقترحات وفق الأطر الزمنية المناسبة لطبيعة كل إجراء والظروف المحيطة به والفترة اللازمة لتطبيقه.

وفيم يتعلق بالمقترحات الأفقية، فمعظمها فورية يمكن الانتهاء من تنفيذها خلال 6 أشهر حيث لا تتطلب موارد بشرية أو مالية كبيرة أو أي تدخلات تشريعية، ومنها: تحفيز الاستثمارات وتوفير المزيد من فرص العمل المتنوعة واللائقة والمستدامة من خلال تحسين بيئة العمل ووجود خرائط استثمارية مفصلة تنبثق عنها فرص استثمارية ومنها فرص العمل المتاحة ومتطلباتها، بالإضافة إلى الاستكمال السليم لمنظومة التحول الرقمى لتوفير الوقت والجهد، وتصحيح منظومة التعليم للقضاء على الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل (في الأجلين المتوسط والطويل).

وتتضمن المقترحات الأفقية أيضا: تحقيق تكافؤ الفرص بين فئات المجتمع والأقاليم الجغرافية المختلفة، من خلال تبنى السياسات والإجراءات التي تحقق ذلك، وتفعيل فانون الإدارة المحلية وتطبيق اللامركزية لتعزيز قدرة المجتمع على المشاركة السياسية والمساهمة في سوق العمل خاصة الإناث، وتصميم وتنفيذ سياسات تسمح للإناث بالانتقال إلى القطاع الرسمي، بما يؤدى على تمكينها اقتصاديا، بالإضافة إلى ذلك يقترح التعرف على الاحتياجات المختلفة للفئات المستهدفة للتمكن من وضع سياسات وإجراءات تستجيب لكافة الاحتياجات.

وفيما يتعلق بالمقترحات الرأسية لتحقيق التمكين الاقتصادى اللائق للمرأة المصرية وفقا لمحركات التغيير الخمسة السابق ذكرها، فتتمثل في الأتى:

أولا: توفير المعلومات للإناث وتمكينها من التعامل معها: وهو ما يتطلب إنشاء قاعدة بيانات مع التعريف المستمر بمحتوياتها تضم كافة المعلومات عن إجراءات التأسيس والاشتراطات القانونية وفرص الاستثمار لمساعدة الإناث على إقامة مشروعاتها وهنا يمكن الاستعانة بـ «دليل المرأة المصرية لريادة الأعمال» الذي أعده المركز عام 2018 – بالإضافة إلى توفير الخدمات المساعدة التي تحتاجها الإناث لتسهيل عملها كالحضانات القريبة من العمل ووسائل الانتقال، بجانب المبادرات والجهات الداعمة لدعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وتوفير خدمات الاستشارات القانونية على نطاق جغرافى متزن وبمقابل مادى مناسب لمساعدة المرأة على التعرف على حقوقها القانونية خاصة في مجال العمل الحر.

ثانيا: إتاحة تكنولوجيا التواصل للإناث وما يرتبط بها من متطلبات: وذلك من خلال توفير الأجهزة الإلكترونية والخدمات اللازمة بمقابل مادى مناسب، وتنظيم دورات تدريبية لمعرفة كيفية استخدامها، وتعزيز محو الأمية الرقمية، وتعريف صاحبات الأعمال خصوصا في الريف بالخدمات الإلكترونية المتاحة كالخدمات المالية والتدريب وغيرها.

ثالثا: تهيئة البيئة المحيطة الداعمة للمرأة المتمثلة في البنية التحتية والخدمات المساعدة والحوافز والأفكار المبتكرة والتدريب: من خلال إتاحة وسائل المواصلات والخدمات الهامة من تعليم وصحة في كافة انحاء الجمهورية، ودعم الدولة للخدمات الاجتماعية المساندة لعمل المرأة كالحضانات بتكلفة مقبولة وجودة مرتفعة، وتقديم الحوافز الإيجابية للقطاع الخاص لتوفير ظروف مرنة للعمل، والتنسيق بين الجهات المتعلقة بالطفل والأخرى ذات العلاقة بعمل الأم قبل إصدار القرارات المتعلقة بالإجازات ومواعيد العمل، وتقديم إعانات مالية للمؤسسات التي بها تمثيل كبير من العمالة من الإناث أو تملكها إناث والتي تمنح العاملات إجازة مدفوعة الأجر أثناء أزمة كوفيد 19، وتحفيز القطاع الخاص على تشغيل الإناث من خلال تبنى أفكار مبتكرة كتعميم مبادرة «وظيفتك جنب بيتك»، بالإضافة إلى شمول التوزيع الجغرافى للبرامج التدريبية المناسبة للإناث، والتركيز على تأهيل أفضل للإناث لسوق العمل.

رابعًا: إجراء إصلاحات هيكلية تصب في صالح المرأة بشكل مباشر: وذلك من خلال رصد ومتابعة جميع السياسات والإجراءات الموجهة لدعم الإناث ودرجة الاستفادة منها قبل أو بعد أزمة كورونا، وتفعيل وحدات تكافؤ الفرص في الوزارات، وتقييم البرامج والمبادرات المقدمة حاليا لتمكين المرأة، والاستفادة القصوى من المؤسسات ذات الصلة بالمرأة، وإنشاء نقاط اتصال للمرأة في جمعيات رجال الأعمال والمنظمات المماثلة، وتفعيل أو تعديل قوانين/ لوائح تنفيذية ذات الصلة لتتضمن الرية النوعية والتعامل مع المرأة كعاملة أو صاحبة عمل وليس فقط من منظور دورها الإنجابى فقط.

خامسًا: العمل على انفتاح الإناث على التجارب والثقافات المختلفة والقدرة على التكيف مع ما تشهده من تغيرات: وذلك من خلال نشر حملات توعية لتصحيح الموروثات الثقافية، والدراسة الجيدة للممارسات الدولية الناجحة في مجال تمكين المرأة، ومعالجة الحواجز الاجتماعية والثقافية التي تقيد إمكانات المرأة في ريادة الأعمال، والاحتفاء بالنماذج الناجحة في العمل الحر.

  

أقرأ أيضا:

السبت.. سينما “الهناجر” تعرض “بين بحرين”

“القصيم” تنظم ملتقى ممثلات الدوائر الحكومية مع سيدات الأعمال

“تكنو” تطلق وحش السرعة في السوق المصري”POVA ”

“كونسلتو أيامنا الحلوة” .. رؤى ومعالجات اجتماعية واقتصادية لـ “إبراهيم طه”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.