بقلم : سيد عبد الحميد
كذب من اعتمد يوما على الضمير واعتبره مقياسا للحكم على البشر ، فالضمير يتغير طبقا للمواقف ، ويتشكل طبقا للمصالح فهو كمادة الصلصال يمكن تشكيله حسب الهوى والمزاج .
وقد يشتد عذاب الضمير يوما وتصبح آلامه كباقى أعضاء الجسم كالمفاصل والعظام والأسنان وكى يستريح الإنسان من آلام ضميره قد يلجأ لاستئصاله وهى عملية سهلة وغير مكلفة ولا تحتاج لغرفة عمليات أو تجهيزات طبية أو بنج نصفى أو كلى وهى العملية الوحيدة التى لا تحتاج طبيبا بل لا بد أن يقوم بها الشخص بنفسه حتى وإن لم يكن له أية دراية بأمر من أمور الطب أو الجراحةبل ويتقاضى عليها اجرا. .
وربما وجدت إنسانا عاش عمره وقضى نحبه لم يخالف يوما ضميره ولم يرتكب يوما ما يشينه أو يدينه وهذا الكلام قد يكون معقولا ولكن …. كيف حدث هذا
الحقيقة أن هذا الإنسان لم يجد طوال عمره ما يستحق التضحية من اجله لم يجد السعر المناسب ليبيع نفسه أو ضميره او لم يعرض عليه أحد أن يشترى ضميره فربما لا يساوى شيئا ليشتريه أو قد يكون البيع غير مضمون العواقب فآثر أن يبقى رافعا شعار الضمير .. الضمير، وضمير الإنسان يتحدد سعره مثل قطعة الأرض طبقا لموقع صاحبه فهناك ضمير على البحر أو علي الساحل أو على الناصيه وهناك ضمير لا يساوى شيئا سواء كان حيا أو ميتا .
وقد تجد إنسانا باع نفسه فى صدر شبابه أو بداية حياته لانه وجد الفرصة سانحة مانحة أمامه فلم يضيع الوقت سدى بل اعتبر نفسه من المحظوظين الذين طرق السعد أبوابهم منذ الصغر .
وحين تسأل ايا من هؤلاء لماذا فعل هذا أو سرق هذا أو نصب على هذا أو سفك دم هذا ستجد لديه من الحجج والأعذارما يعفيه من المسائله وهى بالطبع حجج كاذبه واعذار واهيه ليبرر بها ما يفعل ويريح نفسه حين ينظر لنفسه فى المرآه .
وقد يظل المرء قابعا خلف جدار الضمير رغم كل المغريات ، فتجد مثلا أستاذا جامعيا مرموقا ، أو مديرا كبيرا اتسم طوال حياته بالاستقامة والنزاهة واشتعل رأسه شيبا ،وحين تقلد منصبا اكبر واعلى واشتدت سلطاته حطم هذا الجدار بل ساق شعارات تبرر ما حدث و تمنى لو واتته الفرصة وهو فى سن الشباب .
ولن تجد كلمة ضمير مكتوبة فى أى كتاب من الكتب السماوية ، ولا حديث من الأحاديث القدسية الصحيح منها أو الضعيف وهو امر لا يخضع إلا لحسابات البشر فهى سلعة يملكونها ولهم حق تقييمها وبيعها فى الوقت المناسب والسعر المناسب وهم يشبهون نجوم السينما حين يحددون اجرهم وفقا لإيرادات الفيلم .
إن رجال الغرب لم ينجحوا ليقظة ضمائرهم ولا لقوة الإيمان الضارب فى قلوبهم ،ولكن نجحوا حين جنحوا عن فكرة الضمير واعتبروه من الأمور الغيبيه التى بين الفرد وربه كالصيام والصلاه والزكاة والتردد على المسجد أو الكنيسه ، فإن كان موجودا فهو خيرمن الله وبركه وإن لم يكن فلا بأس فكل شئ جاهز ومصمم على أنه غير موجود ، فالشوارع والطرق والميادين والشركات والبنوك والمصانع والمكاتب جميعها مراقبة بالكاميرات وحتى المحلات والمتاجر الكبيرة والصغيرة يعمل لها برامج حسابية غاية فى الدقة والبراعة ويصعب اختراقها وحتى التاكسي وضعوا كاميرات بداخله درءا لقتل السائق والإستيلاء على السيارة ولا يمكن لسيارة أجرة أن تسير بعداد معطل سواء كان عمدا أو عن غير عمد وهناك أنظمة للمحاسبة والمسائلة لا تخضع للنفس البشرية سواء كانت ضعيفة أو قويه .
فإن كنت متدينا فهذا امر بينك وبين ربك ، وحتى إن كان تدينك حقيقيا وليس ادعاءا فقد تعطى ضميرك بعض الراحة حين يمر عليك ظرف طارئ أو أمر عاجل تشتد فيه حاجتك لمزيد من المال فلا بأس ولتخلص بعدها فى صلاتك وتبكى وتشتد توسلاتك فالله غفور رحيم والله يحب التوابين ويحب المتطهرين .